عفَّر جبينك واحتكم للمنتهى = واشمخ على شهقات جرح مؤلم
وابك استحالة أمة مختارة = وجهاً لمضمار الحياة المظلم
واسكب أحاحك في قوالب شاعر = يجد اشتعالك في الفرائص والدم
تذروه ريح قيامة شعرية = حزناً عليك أخي الصغير المعدم
يا للقصيدة ! هل تُرى بركانها = يبقى على جسد الأديب الملهم
الله يشهد أن كل جوانحي = نزافة لعذاب طفل مسلم
وأخال نازعة القصيدة أنطقت = كل الضلوع وكل عضو أبكم
الله من وهج القصيدة حينما = أجد انبلاج مخاضها كالبلسم
عَفّر خدودك لا أرى في هذه = خيراً وقد حفلت بأخرى مأتم
عَفّر خدودك لا تسل عن أمة = وهوية فلرب رّدّ مفحم
ماتت هنالك أو تناست ذاتها = ويلمَّ عاشقة الدجى والطلسم
وابك الخصاصة إنما تشكو سدى = للحاكم العربي أو للأعجمي
مادت سجايا الذل في آفاقنا = بذيول عهد مثل لونك أدهم
لا زلت تصرخ في غيابة موطن = هو بالمجاعة والمخافة مفعم
ستموت مسغبة وذلاً أينما = ولّيت وجه بلائك المستحكم
وتموت تجويعاً وصمتاً قاتلاً = مهما احتفيت بظالم أو حاكم
وتموت في ( الصومال ) ميتة معدم = وتموت في ( بغداد ) ميتة متخم
وتموت في الأقصى مصابيح الهدى = كرهاً فيُفقد نور كل الأنجم
وعلى ذرى القدس الشريف كما ترى = شارون يفتك بالفريق الأيهم
الخصم يقتلني لذنب واحد = هو أن للإسلام ذاتي ينتمي
حاولت تُسلس كل عرق جائع = للباذلين أكف ليث ضرغم
كم جائع في الأرض، كم من مسلم = يشري الرغيف بكل قول محكم
ها أنت تجثو شامخاً فوق الثرى = يا للعقيدة والسجود المكرم !
عَفّر خدودك في صعيد مثقل = ملء الهشيم بحلمك المتحطم
عَفّر خدودك لاهجاً : " أحد أحد " = فالكل سلم بالهوان المبرم
واسجد لربك شاكراً مستنصراً = به للجياع وعبده المستعصم
تركوك وحدك للعُقاب وللجوى = عارٍ ، ولا من مشرب أو مطعم
تهوي النسور إليك قبل المنتهى = فتظل ناظرة إلى أن ترتمي
ميتاً ، وتصبح جثة – يا للنهى ! - = أفضت إلى القدر العظيم الأكرم
يدنو العُقاب ودونه استحياؤه = فيراك تلهج بالدعاء الخاتم
يأبى – وإن أكل الرميمة لاحقاً - = أن يعتدي شططاً على مستسلم
يأبى – وإن كانت له قدراته - = قتل البريء وقهر شخص معدم
تلكم رسالته إلى كل الورى = خُص بالإشارة كل وغد ظالم
جوعاً تموت وكم هنا من مؤمن = ترفاً يموت على تخوم الدرهم
يا ذمة الله ابرأي من قومنا = من مؤمني زمنٍ فظيعٍ مبهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جود القلم
بماذا عسى أن يجود القلم = وبالريشة المنتقاة اصطدم
ومن أي أجراحه يشتكي = إذا كان في الحبر يسري الألم
أحمد علي اللقاحي – البيضاء
القصيدة أخذت المركز الثاني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مأساة طفل
ليل غشى بظلامه فجراً أغر = وكهولة برزت على عهد الصغر
وطفولة سيمت عناءً في الصبا = وهلال يوم ذاق خسفاً كالقمر
وربيع عمر في بدايته انتهى = وشعاع نجم في مجرته طفر
ونهاية عند البداية أقبلت = وبداية دون النهاية تحتضر
ليل تلبد بالمآسي وانتضى = بقساوة تطوي البوادي والحضر
مأساة طفل في حداثة سنه = رسمت معالمها الليالي والغير
صور تشيب لها الرؤوس تأسّفاً = ويذوب وجداً عند رؤيتها الحجر
موت يحوم حول طفل يانع = من كل ناحية تداعى وانهمر
من خلفه نذر الحروب تتابعت = وأمامه دقت نواقيس الخطر
طفل صغير لم يجاوز أربعاً = من عمره أًنّى يعي معنى الحذر
هو مسلم الأبوين لاشك اعتلى = مجدافه موج المآسي فانكسر
هو مسلم زرع الأعادي حوله = سبل الهلاك وأشعلوا جواً وبر
هو مسلم لاشك قد عصفت به = تلك الحروب ولم يجد منها مفر
فقد الأقارب كلهم وجثى هنا = يستقبل الموت المحقق إذ حضر
أطرافه توحي ببؤس مزمن = أوهى قواه وهَدّه فجثى وخر
فقراته برزت لتحكي للورى = قصصاً من الإرهاب في أجلى الصور
أضلاعه تنبي بوضع مؤلم = وجثوه ينبي بأشياء أخر
والنسر يقبع خلفه متربصاً = متشوقاً يرنوا لوعد منتظر
يبدو رحيماً رغم قسوة طبعه = مترفّقاً رغم الشراسة بالفطر
لم يقترب من جسمه مسترهباً = لم يشقه حياً كما فعل البشر
أعطى الأمان لروحه مستعظماً = إزهاقها حتى يوافيها القدر
هو ميّت والموت صار لمثله = أولى وأرحم من حياة في سقر
إن لم يمت بالجوع مات بغيره = ليل المنايا حول مرقده انتشر
إن لم يمت فلسوف يحيى ميتاً = في قبضة التنصير في حلو أمر
سيباع في سوق الرقيق ويشترى = ليعود مسموم المبادئ والفكر
هو ميت في الحالتين وفقده = روحاً أعز من الحياة بلا وطر
ماذا جنى ؟ ما جرمه حتى دنى ؟ = منه الشقاء المستطير من الصغر
فيما العناء وعمره لم يرتكب = جرماً ولا حتى على قلبٍ خطر
لم ينتهك عرضاً ولم يسفك دماً = لم يفتعل حرباً ولم يوقد شرر
لم يقترف إثماً ولم يسلك غوى = لم يقتلع نبتاً ولم يقطف زهر
ببراءة الأطفال عاش ولم يزل = يمضي إلى ميعاده زاكٍ أبر
ما ذنبه ؟ ما إثمه ؟ ما جرمه ؟ = لج السؤال ولم يوافيه الخبر
الذنب ذنب القائمين بأمره = العاكفين على التسالي والسهر
الجاعلين من الكراسي غاية = أسمى وأغلا من تعاليم السور
ألقوا به وبغيره في غابة = مملوءة رعباً وشراً مستطر
هذه المآسي بعض بعض ذنوبهم = وذنوبهم شتى فأنّى تغتفر
أين العدالة ؟ أين من شدقوا بها = أين النظام العالمي المبتكر
أوليس ما يلقاه هذا الطفل في = قاموسهم ظلماً بمختلف الصور ؟
أوليس ما يجري انتهاكاً صارخاً = لحقوق إنسان وشيئاً لا يقر ؟
أوليس ما يجري يعد جريمة = في حق عالمنا بشكل مختصر ؟
أم أن حق المسلمين وأرضهم = ودماءهم في حكم شرعته هدر
أمن العدالة أن تدان ضحية = ويكرم الجاني بدعم مستمر
أمن العدالة أن تشرّد أمة = ويقال للمحتل قولاً معتبر
الحق أن العدل في منظوره = أمن اليهود وما سواه فلا ضرر
هذا النظام العالمي وإنه = ثديٌ إذا لمسته إسرائيل در
هذا النظام العالمي ومن رأى = فيه الخلاص من العناء فقد قصر
أين الذين به تغنوا واحتفوا = من قومنا وسعوا إليه بلا حذر
أين الذين دعوا إليه ومَجّدوا = وبه أشادوا دون وعي أو بصر
هل يا ترى هذي المشاهد كلها = تكفي لتجعلهم يعيدون النظر
هل يا ترى هذي المشاهد كلها = تكفي لتصبح في مسيرتهم عبر
هل يا ترى هذه المآسي كلها = يبقى لها في قلبهم أدنى أثر
قست القلوب ولم يعد في لينها = أمل ولو كانت حديداً لانصهر
فتحي عبد الرحمن محمد – الحديدة
القصيدة أخذت المركز الثالث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على الجيف من يحيا ..
أنى الطيب يهواه
الشر طرّز بالضلال سماه = والفقر أطلق في الحياة وغاه
واللهجة الجوفاء أزجى بحرها = لجج الجريمة في سلال لظاه
والحق بالخذلان كفّن نفسه = فإذا دموع القهر رجع نواه
وعواصف الأطماع في مضمارها = قد أفرخت للعصر رهج عماه
ورحى العجائب شمرت عن ساقها = وروت لحاضرنا طريف قذاه
صوراً قوانين الذئاب سوادها = والغدر منطقُ متنها ورباه
خلعت على الحرباء من ألوانها = ما أضحك الأقوى ورب عصاه
فاستعبد الأدنى الضعيف مهانة = تبتز باللأواء رعد إباه
وتروّض الأسد الهصور " نعامة = ربداء " يُسْلِم للسلام حماه
زمن الدهاقنة اللئام بَدا به = طفل النكاية حاضناً لأساه
قد أرهق العدم الكؤود وجوده = فتقاسم الجوع المرير قواه
وتوشح العُري الموشى بالصقيـ = ـع أديمه ومضى يشب ضناه
وتبخرت في وهنه أدواؤه = بغياً وألقت للعذاب حصاه
حتى الأحبة خلّفوه وغادروا = بحثاً عن القوت الشريد فتاهوا
تركوه للآلام يلعق كربه = ويخطّ في صلف الوجوم بكاه
ويصب للتاريخ جام أنينه = وإدانة الأفعى البغي رجاه
حتى إذا ما ملّه الكوخ الذي = برتابة الوجع العُتي كواه
أمّ الفضاء الرحب يغسل طرفه = في أرخبيل الليل خلف قُراه
ومضى يلاعب غُصة الحُرَق التي = فيها شموخ البؤس سنّ مداه
وكما رأى – حال المصيبة – أُمّه = تأتي سجود الخاشعين أتاه
يا رب : ساد الذل رقعة عالمي = هذا المصنف ثالثاً لغباه
وشرى الذي يخزي بمدحة فاجر = أثنى ليحصد ما تطول يداه
ومضى يهرول خلفها ولعاً بما = قالت " حَذامِ " فقولها أجواه
فإذا بنا في ظل عولمة الدجى = في الظلم نغرق حاميين لواه
نفنى لكي يحيا الغني ونمتطي = حسك الضنا كيما يدوم رخاه
ونعيش في ذيل الحياة خريطة = يجتاحنا استغلاله وأذاه
في " دارفور " وآسيا وإفريقيا = في كل ما زان الأذانُ سماه
باسم الحضارة والتقدم والتقى = والزيف ما نافى النداء صداه
وأنا ولوني شاهد حيٌّ على = هذا الذي بالزيف حاط وباه
وهنا !! أتى نسر تنزل وارتدى = سُكنى جناحيه وحط وراه
وكقانص صلب القوام مجرب = خبر الوقوف على بساط دهاه
عينيه سدّد كالرصاص وفي سجـ = ـود الطفل راح يرج قعب مناه
من بعد ما أخفى تطاول عنقه = في منكبيه تهيؤاً لغذاه
من أنت ؟ ما تبغي ؟ لا تبدو هنا ؟ = والطفل ليس بجيفة أتراه ؟
أم خانك الأنف الشموم فلم تعد = تدري سبيلاً للذي تهواه
ألقى خيول الردَّ في سمت وفي = ثوب قشيب قال ما فحواه :
إني أنا شيخ النسور وسيد الـ = أطيار والرمز الوريف عطاه
أضحيت بالبأس المفدى كعبة = للمستجير وراعياً لخطاه
وغدوت للإرهاب برقاً ماحقاً = يكفي تخوم الأرض نار بلاه
وأتيت أحمل للسلام غصونه = وأسوق للطفل النكيب هناه
وأمد للتحرير إنسانيتي = كفاً يحقق للضعيف رجاه
وبذا فقد كُلفتُ من أمم غدت = في مجلس التحكيم نبع حداه
ولما وقوفك هكذا متربصاً ؟ = رسل السلام وقوفها يرعاه
لا .. لم أشأ ما خلته من وقفتي = فأنا الغني عن الذين تناهوا
ما كنت إلا مصغياً لدعائه = ذاك الذي إرهابه أملاه
من ثم عدت مفكراً في علة الـ = ـداء العضال وفي دلاء دواه
فوجدت ربقة جهله قد مثّلت = في عنقه السبب الذي أغواه
فركبت معراج التأمل طالباً = وجهاً لبتر رباطها وعناه
أضحكتني ، شيخ النسور بما حوى = تبريرك المعسول ما أحلاه
يبدو بطهر العشب في ألق الضحى = والجوف يرعد من خلوف رحاه
أوليس مجلس دجلكم من كال في = جور بمكيالين دون سواه ؟
من شره أتت المعرى من عرى = الأخلاق حين الفسق شاد علاه
في فعلك الترويع والإرهاب ما = أفضى إليه بباطل فنماه
أنى يحب الطيب من يفنى به ؟ = ومتى يعاف الجيف من يهواه ؟
فإذا غدوت – لغير دأب – آكلاً = حياً وإنساناً فإنّ لحاه
من نزعة العصر الأثيم تفتقت = بشريعة الغاب اللعين غواه
لكنما سنصد عنك الطفل ما = كان استطاع فداءنا وفداه
وإذا غلبت فإن وافر أكلك الـ = ـمنهوم حتماً سوف يحكم فاه
ويحيل بطشك فترةً موَّارة = تُجري – غداً – للجيل فيك قضاه
فتبيت رهن العدل ، لا جبروت ، لا = سلطان لا " فيتو " تُحيل دجاه
مهما علا في الدهر دخان القوى = لا بد يدفن في لهاث ذراه
عبد الله محمد العابدي – صنعاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حوار على ضفاف الموت
الطفل :
الطير :
الطفل :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قتيل الأسى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من لي هنا
الدهيماء
يا هول مأساة لها عيني بكت = جزعاً يذيب جوانحي وفؤادي
( قبح المعيدي ) مائلاً أبصرته = والفاجعات شواخصاً وبوادي
فالمهلكات وجوهها قد عددت = مثنى ، ثلاث ، والهليك أحادي
جوع وداء في جسيم ناحل = وجحيم قفر محرق وأعادي
يا للمهالك والبراءة قد بدت = كشواء صيد في يد الصياد
ما للنجاة تقطعت أسبابها ؟ = الموت يبدو آكد الآكاد
لكأنّي أسمع صرخة مخنوقة = لطفولة هي تستغيث ، تنادي :
لا ذنب لي يا من أردتم مهلكي = لم تحرقون مراتعي وبلادي ؟
لا شيء لي فيها سوى جوع برى = عودي ، وأردى في الحياة مرادي
لا شيء غير الموت يحدوني وما = غير التراب يمدني بوساد
انظر إلى كوخي بقفر موحش = ما باله متناثر الأعواد ؟
تخبرك حاله عن مآسي أهله = إذ بات نهب مطامع وأعادي
مدت له الأطماع كفاً آثماً = وتخطفته مخالب وأيادي
فجنت جناه وورثت فيه الأسى = والجوع يعصر فلذة الأكباد
دارت بـ ( دارفور ) الدهيماء التي = دهمت ربا ( صومالنا ) و ( تشاد )
طحنت رحاها مطعمي بل أعظمي = تكفيك رؤية منظري بمفادي
طفلٌ ، حُرِمْتُ طفولتي في مهدها = ولبست ثوب كهولتي بولادي
ورضعت خوفاً قاتلاً لكنني = لم أَدّر وجه مناصر ومعادي
كم من عيون نحو كوخي حدّقت = ولكم أكفُّ قد عبثن بزادي
حلّت بكوخي ، أحللت فيه الأسى = كالداء يطحن أعظمي وعمادي
ما كان غروا فعلهم ، لكنني = مستغرب ، من بالسلام ينادي
كم من شعار زائف قد هزني = باسم الطفولة كم سمعت منادي
ما بالها تلك الشعارات اختفت ؟ = أم أن عيناً كحلت برماد ؟
هل أنكرتْ فينا الطفولة برأها ؟ = أم أنها قد أنكرت لسوادي ؟
إن كان لوني داعياً في مهلكي = فلماذا يُهلك ( درة ) أو ( شادي ) ؟
وبأي حق دمرت أوطاننا ؟ = لا شيء ، لكن رغبة بقيادي
ما بال ( يافا ) و ( الرصافة ) دثّرت = فيها الأمومة في ثياب حداد ؟
( حق الحياة ) فالكلاب حظت به = وحياتنا محفوفة بكساد
بـ ( الأمن ) أو ( دعوى السلام ) كليهما = ( الشرق ) أضحى منتدى الإفساد
فيه يُرى الإرهاب ( طفلاً ) حاملاً = ( حجراً ) بوجه مدافع وعتاد
حكم الفراعن أن تباد طفولتي = فلقد رأوها مشعلاً لجهاد
ما كان جرمي غير جدّي ( مؤذّن ) = للمصطفى طه البشير الهادي
و( أمية ) ما زال قلبه موغراً = بعداوتي مملوء بالأحقاد
وصى بها ( صفر الوجوه ) أبناءه = فتواترت منهم إلى الأحفاد
إني بقومي ، يا لعُظم مصيبتي = ما بالهم في غفلة ورقاد ؟
يا للعروبة للعروبة إذ غدت = أضحيّة بصبيحة الأعياد
والموت يُمْضي في بنيها حكمه = مُتصنّع الأسباب والأبعاد
إني أراه جاثماً في داخلي = داء يفتّ مفاصل الأوتاد
وأراه خلفي من عيون رواصد = لبقايا شلو مُهْلَكٍ ومباد
فكأنه في وجه ( باول ) إذ أتى = ( دارفور ) يخفي مطمعاً بوداد
طبع العُقاب – إذا الفريسة أحجمت = عنها الهوام – يكون بالمرصاد
أعداؤنا لعدائنا قد ( غرقدوا ) = وتسوّروا بمسلّح ومشاد
هم يرسمون خريطة لطريقهم = وطريقنا مفعومة بقتاد
يبدون وجهاً بالسلام موشحاً = يغرون فيه أعين القواد
هم قلة جاسوا خلال ديارنا = وجموعنا بغثائها المزياد
إني – وإن أمست يباباً بلدتي = وتحولت أفياؤها لرماد –
سأظل أجثو ساجداً في طهرها = رغم العناء وكثرة الرصاد
ليصير موتي فوق أرضي عزة = لطفولتي ، وليعظم استشهادي
إني إذا ما مت تنبت أعظمي = جيلاً بقدر صلابتي وعنادي
جيل له نور المصاحف مرشد = إني عقدت من هداه قلادي
مهما يكن عجزي فحبي موطني = فخر ، وموتي في حماه مرادي
صادق عباس حزام - عدن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بكى الغيور
كتبت بالدم لا بالحبر ما كتبا = واغرورق الدمع في عيني وانسكبا
تدفق الشعر والأفلاك واجمة = والبدر منكسف والطالع احتجبا
في أي عصر أنا يا قوم أمتنا = وباتت على وتر واستهوت الطربا
ماذا سأكتب فالأقلام حائرة = والجرح منتكئٌ والحبر قد نضبا
والأمن موعده حبر على ورق = كوعد عرقوب ما أملى وقد كذبا
فكيف أكتب عن طفل وقد خجلت = منه الحروف وماج الشعر والطربا
والجوع أنحله والغدر شرده = والفقر أتعبه والجارح انتصبا
مطأطئ الرأس والعينين شاخصة = والنصر منتظم والموعد اقتربا
حان الرحيل أيا صحراء فانتجعي = فما الحياة لطفلٍ عاش مغتربا
يكابد الظلم والمأساة تلفحه = والطفل في رمق يستنجد العربا
مخالب النصر وا غوثاه قد برزت = وجارح النصر وارحماه قد تعبا
ماذا سيأكل أعظاماً وقد هزلت = أو المفاصل أما الجلد قد عطبا
هل أنت يا نسر فرعون وأبرهة = أكاد أجزم أن الشعر ما كذبا
أم أنت يا نسر شارون وزمرته = ما لي أراك لأرض العرب مغتصبا
أم أنت يا نسر أمريكا أتوعدنا = أين الوعود وعز القدس قد سلبا
هل يشتكي الجوع والظلماء تدهمه = أم يشتكي الخوف والقناص قد وثبا
أم يشتكي اليتم لا أمٌ تلاطفه = أما أبوه بكف الغدر قد صلبا
أم يشتكي البرد لا ثوب وقد رجفت = منه المفاصل والمليار قد شجبا
أم يشتكي فرقة بتنا نكابدها = عذابها إخوة الإسلام قد وصبا
وا لهف نفسي على الإسلام وا أسفا = بكى الغيور على الإسلام وانتحبا
تكابد الظلم والإسلام مغترب = وحامل الدين في أيامنا اغتربا
أقول ما قلت لا يأساً يخامرني = فالناصر الله والميعاد قد قربا
نحن الأسود إذا ما الحرب قد برزت = نسل فيها إذا ما ازورّت القضبا
تبقى الأسود وإن كلّت مخالبها = تلقى الفريسة في أنيابها العطبا
مزجت بالدمع أبياتي وقافيتي = وما البكاء معيد للذي ذهبا
وما التوجع إن عانيت من حرق = يعيد في القدس أو بغداد ما خربا
نيل الشهادة درب ليس يبلغه = إلا الذي للحسان الحور قد خطبا
نيل المفاخر تاجٌ ليس يلبسه = إلا الذي من حياض الدين قد شربا
درب الكرامة صرح ليس يركبه = إلا الذي فوق صرح المجد قد ركبا
علي أحمد السعيدي – حجة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فرائس الأعداء
أو ما تروني في العراء مشردا = بين الوحوش عن الثياب مجردا ؟
الجوع أرهقني وأبدى سوءتي = والفقر أسلمني لأهوال الردى
وأبي وأمي يبحثان عن الغذا = وأظل وحدي بالكروب مصفدا
أنا – أمة الإسلام – طفل حائر = من بينكم أصبحت كبشاً للفدى
أنا – أمة الإسلام – جرح غائر = لم يملك الطب الحديث له يدا
أنا – أمة الإسلام – رمز للمآ = سي حينما صرنا فرائس للعدا
وعدوا بأن يحموا الحقوق فما رعوا = حقاً لمسكين وخانوا الموعدا
لم يرحموا طفلاً تعثر سيره = بل جردوه وقدموه على الغدا
أنا لا أبالي بالأعادي بعدما = أيقنت حقاً أن موعدهم غدا
يا أمة الإسلام هذي صورتي = نُشرت لتنشر سيف قومي المغمدا
يا قوم كفوا عن عميق سباتكم = فحقوقنا ذهبت بغفلتكم سدى
كم جاد علج حاقد لشعوبنا = ومضى بذاك منصّراً ومهوّدا
وأرى كثيراً من بني الإسلام لم = يصلوا قريباً مؤمناً وموحدا
أوليس بين المسلمين تراحم = أوليس فيهم محسنٌ يروي الصدى ؟
أوليس فينا يا بني الإسلام من = يحيون ماضينا العتيق الأتلدا ؟
أو من يذكرنا بعثمان الذي = لله قدّم ماله وبه افتدى
أو من يذكرنا بعوف والألى = عقدوا لدى البأساء ألوية الندى
صنعوا من الأموال مجداً نوّروا = بعطائهم ليلاً بهيماً أسودا
يا رب أنت إلهنا فتولنا = فلكل باب دون بابك أوصدا
ولئن أردت بنا البلاء فإننا = أرضى البرايا بالقضاء وأحمدا
عبد الله محمد بارجاء – مأرب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصليب واليهود في فيلم جديد
ماذا أقول وكيف أبعث منطقي = ولمن سأبكي بين هذا الملحق
صور تثير بها " مساء " مشاعري = فتهدني وأنا أقول لها : ارفقي
طفل صغير ليس يدري ما الذي = يجري بأرض الغرب أو بالمشرق
قد جاء في أرض تشيطن أهلها = وضعوه في كهف الظلام المطبق
بل أغمضوا عينيه عن نور الهدى = ليشبّ في حقد وغيظ مطلق
جاؤا إليه يخلصوه من العنا = أسمعت هذا في الزمان الأسبق ؟
أسمعت أن بني يهود قلوبهم = تهب الحنان وبالعطايا تشفق ؟
لكنه حقد يهودي بدا = في زيه المتدنس المتملق
لم يكفه أرض العراق بحقده = قد هَدّها وكذاك أقصانا النقي
لم يكفه كشمير شتت شملها = بغياً وعدواناً فجاء لمن بقي
وببوسنة الإسلام كم طفل بها = دفنوه حياً فارتقبهم واتقي
فأتوا إلى السودان لما أن رأوا = راياته تأبى الخضوع وترتقي
ورأوا بلاداً خيرها في أرضها = أزهى من الفجر الذي لم يخفق
لبسوا رداء العطف يا ويح الذي = لكلامهم أصغى ويا ويل الشقي
هم يرتدون لكل قوم زيهم = كالحية الرقطاء كالمتملق
أنا لا أقول سوى الحقيقة والذي = سَوّى البرية لست بالمتشدق
ما دام للإسلام قلب نابض = يمشي به في الناس دون تزلق
سيظل حقدهم يجمع جنده = ليبيده هذه الحقيقة فانطلق
يا أمة المليار ماذا قد جرى = قومي فنومك صار حقاً مقلقي
نار الفجيعة قد سرت في أضلعي = لهباً يثور وحرّها كالزئبق
أسفاً على قومي الذي استبدلوا = بالدين دستور العدو الأخرق
قد أشربوا حب الحياة قلوبهم = ولأجلها يا سيدي لم نلتق
الغرب يحشد جنده يا ويحكم = حقداً وأنتم كالبليد الأحمق
وتخلفت عن ركب كل حضارة = واستسلمت للعابث المتفسق
أبناؤها كانوا الأسود زئيرهم = يخشاه كل مغرب ومشرق
واليوم في أحضان كل مهرج = أو لاعب أو عابث ومنهّق
قوم كسالى في الحياة همومهم = في مأكل أو مشرب في الفندق
والغرب يحصدهم ويفني عمرهم = فحياتهم هي خندق في خندق
يا أمتي هذا الصليب وهذه = أطماعه جاءت إليك فصدّقي
هذي مؤامرة تدور وهذه = خطط يدبرها الذي لم يشفق
فيلمٌ ومخرجه الصليب وأهله = من كل صوب قد أتوا أو مفرق
ليدنسوا أوطاننا ويشوهوا = أخلاقنا فاقرأ سلامك يا تقي
يا صاحبي قد أزهقت أرواحنا = حزناً وإن قلنا لهم لم تزهق
حدّق بعينك في الوجود وقل له = أنا مسلم لمّا يُسَفّه منطقي
أنا مسلم لكن قومي في الدنا = تاهوا وللأعداء ألفا زورق
يا سيدي هب للفؤاد مواطناً = يرتاح فيها في الزمان المرهق
فلقد تعذب أزمناً بشعوره = الدفاق في إحساسه المترقرق
امنن على الإسلام منك برحمة = مغداقة لنظل منها نستقي
وامنن عليه بمن يطيّب جرحه = في جمعنا المتشتت المتفرق
خذنا إلى درب الخلاص وفكنا = من كل قيد في الدنا أو مأزق
محمد الورد علي – الحديدة
**
تم تحريره من مجلة مساء العدد (30) صفر 1426 هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق